مقالات

إيران و (محور الشرق ) .!

بعد احداث 11 من سبتمبر 2001 صنع المخيال الأمريكي خطاب سياسي تحول الى إداة محورية لتطبيق المفاهيم الأمنية الى سياسة عملية . حيث استطاعت الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة من تعميق الذهن السياسي نحو العدو ( محور الشر ) و ( مكافحة الأرهاب ) وهي مكونات سياسية ودولية وكان المحور في البداية ( العراق وكوريا الشمالية و إيران ) حيث تم بناء الرأي العام الغربي على ضرورة استئصالها و استطاعت واشنطن من تحشيد الرأي العام والإعلام والنخب باتجاه هذا الهدف الإستراتيجي .اما اليوم تسعى واشنطن الى اعادة صياغة ( محور الشر ) وتوسيع الدائرة عبر الأنظمة الأكثر شمولية في العالم ( الصين وروسيا وكوريا الشمالية و إيران ) وهي الأن تعتكف على وضع الأطار العام لأدارة المنافسة واحتواء التهديدات .في هذا المحور الجديد ( محور الشرق ) كما اسمي تعتبر إيران الحلقة الأضعف . كونها منخفضة الكلفة لروسيا والصين وفي حرب الأوكرانية كان نقل التكنلوجية والمسيرات والصواريخ الإيرانية لروسيا مصداق ل هذا الدور . ففي مقابل الحصول على الدعم السياسي واحياننا التقني الروسي والصيني تعرض إيران خدامتها في هذا المجال وهو ماتحتاجه روسيا الأن . وتعتبر واشنطن الدور الإيراني هامشي وهي مجرد أداة في يد القوى النووية الكبرى التي تعمل على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط .واذا ارادت واشنطن العمل بالفعل على تقويض هذا المحوروبناء على هذا التصور فإن إيران ستكون الحلقة الأضعف . حيث لايمكن ان تخاطر الولايات المتحدة بحرب نووية مع الصين وروسيا وحتى كوريا الشمالية .لذلك الخيار المنطقي في سياسة الضغط هو إيران .اتخذت الولايات المتحدة مسارين من أجل تقويض الدور الإيراني في هذا المحور المتشكل . الأول كان الأحتواء وقد وصل الى تقارب انتج اتفاق نووي عام ٢٠١٥ في ظل ادارة اوباما لكنها لم تصمد طويلا . الثاني هو سياسة الضغط الأقصى الذي يتبنى ترامب من أجل شل القدرات الأقتصادية والعسكرية والتقنية ومنعها من دور فعًال في هذا المحور الجديد . تسعى واشنطن الى تحييد الخصم التاريخي وارسال مؤشرات قاسية الى الصين و روسيا من ان التحالف معهم سيكون مكلف للغاية . وان اسقاط إيران من حلقة ( محور الشرق ) هو الهدف الإستراتيجي ل واشنطن الأن .ان فشل تجربة ( العراق و افغانستان ) جعل صانع القرار الإمريكي يستبعد خيار اسقاط النظام في إيران . حيث ستكلف اثمان باهضة على المستوى البشري واللوجستي . اضافة الى عدم ضمان بناء دولة موالية ل واشنطن على انقاض الجمهورية الإسلامية كما حدث في العراق وافغانستان حيث الوجود الإمريكي غير مرحب به . وفي السياق المتصل يؤدي سقوط الجمهورية الإسلامية الى مخاطر اقليمية على حلفاء واشنطن في الخليج بسبب فراغ السلطة . كما يذهب المشهد الى تعقيد التوازن مع المنطقة . لذلك ترى الولايات المتحدة ان ممارسة الضغط الأقصى وتقييد القدرات النووية والصاروخية والنفوذ الأقليمي دون الخوض في تفاصيل اسقاط النظام هو النهج الأنجح في التعامل مع إيران ان التحولات الأخيرة في المنطقة بعد السابع من اكتوبر أثر بشكل مباشر على الصورة النمطية لإيران بعد ان كانت قوى ( يصعب احتوائها ) تحولت الى دولة ( حلقة ضعيفة ) وقد فرضت هذه المعادلة تداعيات استراتيجية على إيران ينبغي معها ان تعيد حساباتها بعيدا عن البروباغندا المعهوده . وعليها ان تعيد صياغة دورها الإستراتيجي بما يتناسب مع التاريخ والجغرافية وعليها ان تقنن من الأنخراط المفرط مع الصين وروسيا والا ستبقى في المخيال الغربي عبارة عن ( حلقة ضعيفة ) في (محور الشرق ) النووي .

حسام الحاج حسين

مدير الإدارة والمالية كاتب وباحث، بكالوريوس علوم سياسية
زر الذهاب إلى الأعلى