الغرب وهندسة تغيير النظام في إيران
اصدرت القوى السياسية الأصلاحية في إيران خارطة طريق لأنقاذ النظام السياسي من السقوط حسب تعبيرهم . من خلال العقد الوطني والذي يتضمن .انتخابات حره ونزيهه العفو العام عن سجناء السياسيينعودة السلاح الى الثكنات .والتفاوض بالشكل المباشر مع الولايات المتحدة .هنا يمكن ان نستذكر مع الإيرانيين حقبة الزعيم محمد مصدق والدور الغربي في تغيير النظام .الذكرى التي ستبقى جرحاً مفتوحاً في ذاكرة الإيرانيين حيث تم تغيير نظام منتخب ديمقراطيا من قبل الشعب بالأدوات الغربية .إن استحضار دروس هذا الأنقلابيعطي الأنطباع لأحدث أشكال الانقلابات في العصر الحديث . اذا لم يعد الأنقلاب بحاجة الى ادوات أمنية وعسكرية خارجية .بل تحتاج الى قوى داخلية وإحزاب وتيارات وإعلام وشخصيات مؤثرة تعمل لصالح الأجندات الأجنبية . مما يستحضر طريقة الأنقلاب الناعم الذي يستهدف الحاكمية ويصنع ويوجه الرأي العالم بالضد من الحكومة .أنّ تزامن هذا البيان مع تصريحات نتنياهو العدائية ضد النظام والذي وعد بجلب المياه الى طهران بعد التغيير ، كلّها مؤشرات على وجود مخطّط خفي لإعادة إنتاج مشهد انقلاب شبيه بالانقلاب على مصدق، لكن بصيغة جديدة تعتمد على الداخل كأداة للضغط والتغيير. “تغيير طريقة التفكير” من خلال الأتفاق مع الولايات المتحدة والغرب وهذا النمط من التفكير بحد ذاته هو انتحار سياسي بالنسبة لإيران إذ أثبت التاريخ أنّ إمريكا لم ولن تلتزم بأي من تعهّداتها السابقة، بل استخدمت الاتفاقيات غطاءً لتجريد إيران من قدراتها الدفاعية والصاروخية والنووية، مما يعني أنّ ما تسعى إليه بعض التيارات الإصلاحية ليس إصلاحًا، بل تغييرًا جذريًا في هوية النظام السياسي.في العودة الى الماضي ارتكب محمد مصدق ثلاث اخطاء قاتلة .اولا استبعد رجال الدين الوطنيين مثل آيه الله كاشانيثانيا اطلق يد الروس من خلال حزب توده .ثالثا التقرب من الإمريكيين حلفاء الشاه الوثيقين .كل هذه المساعي و المحاولات في توازن النفوذ بين الغرب والروس عبر التقارب مع الولايات المتحدة لم تشفع له ولم تمنعه من السقوط .وسرعان ما اظهرت واشنطن وجهها الحقيقي بالخيانة. استمر التدخل الغربي في فرض العقوبات والتهديدات، تلفيق ملفّات حقوقية ونووية ودعم الجماعات المناهضة للنظام ، وصولًا إلى العدوان العسكري الأميركي ـ الإسرائيلي الأخير على إيران وارتكاب مجازر بحق المدنيين رغم استمرار المفاوضات مع الغرب.من جانب أخر كانت ومازالت العقوبات الغربية – مستمرة بوتيرة متصاعدة وأنّ ما يجمع بين الأنقلاب على مصدق والسياسات الغربية حتى اليوم هو عداؤها للشعب الإيراني الرافض للهيمنة الغربية ، حيث يواصل الغرب عبر الحروب المركّبة ومحاولات الإذلال والتحريم والتشويه نفس الأهداف التي سعى إليها في الماضي .أنّ الدرس المستفاد من التاريخ هو أنّ الرهان على وعود الغرب وهمٌ خطير، وأنّ الحل يكمن في الوحدة الوطنية، الاعتماد على القدرات الداخلية وتعزيز التعاون الإقليمي ، بدلًا من السباق وراء مفاوضات عقيمة وبيانات سياسية لا تعالج معاناة الشعب الإيراني، يبدو ان قدر الإيرانيين هو المواجهة دوما مع القوى الأستعمارية الحديثة . والحفاظ على السيادة للدول اصبحت عملة نادرة في الشرق الأوسط . وحتى بالعودة الى الماضي نجد ان هندسة الغرب للأنقلاب ضد حكومة محمد مصدق كانت ل نفس الإسباب التي صنعتها الولايات المتحدة وحلفاءها اليوم ضد الجمهورية الإسلامية .وان مصدق اخبر الشعب الإيراني منذ البداية عن الصعوبات التي ستواجه الأستقلال والتأميم والسيادة عندما وقف أمام البرلمان الإيراني قائلاً (( إن الإيرانيين قد قاموا بالكشف عن كنز كان مخفياً . ومن فوق ذلك الكنز يرقد التنين )) ويقصد بالتنين القوى الإمبريالية الغربية .