التموضع السياسي خلف المظاهر الدينية
لكل حكومة أربعة أنظمة: سياسية، وثقافية، واقتصادية، واجتماعية. وترتبط الأنظمة السياسية والثقافية ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض. فالنظام السياسي يُتيح مساحة للنظام الثقافي، والنظام الثقافي يُهيئ مساحة للنظام السياسي. لأكثر من خمسمائة عام، كان النظام الثقافي في أيدي رجال الدين، في إيران وكان تحديد السلوكيات والأعراف، من الحرام، والحلال، والمكروه ، و المستحب ، بيدهم، وكان مقبولًا لدى الجميع .!بعد الثورة الأسلامية حدث التحول المهم ورغم معارضة الإمام الخميني في البداية، اتخذ رجال الدين موقفًا سياسيًا من خلال تدخلهم بشكل قوي جدا في رسم الخارطة السياسية الجديدة ومن ثم بدأوا بتحديد المعايير السلوكية والتنظيمية. لم يكن لأي موظف إداري الحق في حلق لحيته، أو ارتداء الجينز والأكمام القصيرة، وما إلى ذلك، وأُلزمت النساء بارتداء الحجاب الذي كان سائدًا في القرن التاسع عشر في الدوائر والمراكز الحكومية. ولأن معيشة الناس كانت مرتبطة بسلوكهم الخارجي، انتشر النفاق في المجتمع، وظهر الجانب الخارجي من الشخصية.كان يشرب الرجل الخمر في البارات و يغسل فمه ثم يدخل الى دائرة العائلة. هذه المرة في ظل النظام الأسلامي يشرب في المنزل و يغسل فمه ليدخل المجتمع كي لا يكتشفه أحد. وهكذا، انتقل الفساد من الخارج إلى داخل المنزل. هذا الوضع المزدوج تسبب أيضًا في معاناة الأطفال من التفكك العقلي والعقائدي، ولم يعرفوا الصواب من الخطأ. وهذا لا يزال مستمرًا حتى يومنا هذا. بمعنى آخر، لم يعد الناس كما يتظاهرون . أن معظم عمليات الاختلاس كانت وما زالت تُرتكب من قِبل نفس هذه الفئة المرأيه من مُصطنعي المظاهر. ينبغي تركيز الاهتمام والتركيز في منح المسؤوليات على قدرة الأفراد وخبرتهم والتزامهم، لا على مُصطنعي المظاهر ذوي المقدرة الفقهية ، الذين أضافوا للأسف مصطلح “الولاء” إلى هذه العملية. أن ابتعاد رجال الدين عن ركائز السلطة السياسية في إيران .وعودتهم إلى مكانتهم الأصلية الراسخة ضرورةٌ أخرى. فلا مجال سياسي أو إداري أو اقتصادي أو عسكري أو رياضي، في البلاد إلا بوجود عدد كبير من رجال الدين الذين، بسبب قلة معرفتهم، أثقلوا كاهل النظام السياسي و الثقافي والأقتصادي والعلمي دون أي أثر يُذكر.تم استنساخ هذا التحول في العراق وعلى مدى عقدين من الزمن فشل الأسلام السياسي ( السني – الشيعي ) في أدارة الدولة وكان الرياء والمظاهر اهم سمات هذا النظام في بلد يجمع اكبر الأحتفالات الدينية ويمتلك عشرات القنوات الدينية بينما يرزخ تحت ظل كثيف من الفساد الذي يعتبر الأعلى في العالم .طبقة سياسية فاسدة الى حد اللعنة ويتموضعون خلف الشعارات والطقوس والعبادات والمظاهر .كانت ومازالت العلاقة بين المظاهر الدينية والسياسة علاقة جدلية وقد تحولت الى علاقة تصالحية في كثير من الأحيان تؤدي إلى تحقيق مصالح الشخصية والفئوية وقد تكون علاقة استغلالية يستغل الساسة الدين ورجاله من أجل أن يحققوا أطماعهم ومآربهم ومن أجل تخدير الشعوب وقد تكون علاقة تصارع وتقاطع فيما بينهم وعلى مدى التاريخ .