الصين من جديد
في الوقت الذي نشاهد به والملايين من البشرية الاستعراض العسكري الأضخم في العالم للجيش الصيني وهو يبهر المتابعين في الانضباط والتنظيم والحركات والأداء والسلاح والقوة نتذكر أن هنالك مبادرة الحوكمة العالمية الصينية التي اطلقها الرئيس شي جين بينغ: (نحو نظام دولي أكثر عدالة وشمولية)كان قد أطلق في وقت سابق الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحوكمة العالمية (Global Governance Initiative) خلال قمة “منظمة شانغهاي للتعاون بلس” في تيانجين.وهي تُعد المبادرة الرابعة التي يطرحها الرئيس الصيني بعد مبادرات التنمية العالمية، الأمن العالمي، والحضارة العالمية، مُشكّلةً ركيزة أساسية لرؤية الصين نحو بناء نظام دولي متعدد الأقطاب قائم على العدالة والمساواة والتعاون المشترك.لاسيما ان المبادرة في تم طرحها في توقيت مهم جداً وحساس حيث يصادف عام 2025 الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة والذكرى الثمانين للانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية. في هذا السياق، يشير الرئيس شي إلى أن العالم يواجه “مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول”، حيث لا تزال عقلية الحرب الباردة والهيمنة تطارد النظام الدولي، بينما تتصاعد التهديدات والتحديات الجديدة بشكل غير مسبوق لاسيما بوجود الرئيس الأمريكي ترامب الذي أطلق مبدأ السلام بالقوة وكما هو معلن عن المبادرة انها تتشكل من المبادئ الخمسة الأساسية لمشروع الحوكمة العالمية وهن كما تم نشره في المواقع الرسمية 1. الالتزام بالمساواة في السيادة: يجب أن تكون جميع الدول، بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو ثروتها، شركاء متساوين في صنع القرار والاستفادة من نتائج الحوكمة العالمية. شدد شي على رفض “المعايير المزدوجة” ورفض فرض القواعد المحلية لأي دولة على الآخرين.2. الامتثال لسيادة القانون الدولي: الدعوة إلى الالتزام الكامل بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة كقواعد أساسية للعلاقات الدولية، وتطبيق القانون الدولي بشكل موحد وعادل دون انتقائية.3. ممارسة التعددية: تؤكد المبادرة على التعددية كمسار أساسي للحوكمة العالمية، مع تعزيز دور الأمم المتحدة كمنصة مركزية للتشاور وصنع القرار الجماعي، ومقاومة الممارسات الأحادية.4. الدعوة إلى نهج يركز على الشعوب: يجب أن تكون الشعوب هي المحور الأساسي لعملية الحوكمة، وأن يكون رفاهها المنفعة النهائية لأي سياسات أو قرارات دولية.5. التركيز على اتخاذ إجراءات فعلية: الحوكمة الفعالة هي التي تحل المشكلات الحقيقية. تدعو المبادرة إلى معالجة الأسباب الجذرية للتحديات العالمية وليس الأعراض فقط، مع تحمل الدول المتقدمة مسؤولياتها وتقديم المزيد من الموارد والسلع العامة العالمية.لا اعتقد ان المبادرة مجرد رؤية نظرية، بل اقترنت بعدد من الآليات العملية التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على المؤسسات الغربية التقليدية والذهاب نحو شرق مختلف ابتدآ من إنشاء بنك تنمية جديد تابع لمنظمة شنغهاي للتعاون، لتمويل مشاريع البنية التحتية والتكامل الاقتصادي بين الأعضاء، بهدف تحدي “الهيمنة المالية” للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.· تقديم حزم تمويل ميسر من الصين، شملت 2 مليار يوان (حوالي 280 مليون دولار) كمساعدات مجانية، و10 مليارات يوان (حوالي 1.4 مليار دولار) كقروض ميسرة لدول المنظمة.· تعزيز التعاون التكنولوجي والعلمي من خلال إنشاء مركز للتعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ودعوة الدول الأعضاء للمشاركة البحثية في قطاعات مختلفة لقد أثارت المبادرة جدلا كبيرا للمهتمين في العلاقات السياسية والاقتصادية العالميةوكم تستطيع ان تمثل بديلاً مقنعًا لعقلية “الصفرية” السائدة وتقدم حلاً لإصلاح النظام الدولي من الداخل لجعله أكثر عدالة وتمثيلاً للدول الناميةفيما يشكك آخرون في جدواها العملية وقدرتها على منافسة تنوي الصين بهذه المبادرة إعادة هندسة المشهد الدولي وفق مبادئ المساواة والتعددية وسيادة القانونلذا تدعو إلى شراكة عالمية حقيقية تعالج الاختلالات الهيكلية في النظام الحالي، وتضع مصالح الشعوب في القلب، وتسعى لبناء ” مصير مشترك للبشرية تحدده بنفسها واردتها “بعيداً عن الاساطيل العسكرية والحروب والاقتتال الذي يملىء الشرق بالدماء منذ ما يقرب من نصف قرن بسبب السياسة الأمريكية التي تسعى للهيمنة نجد ان نجاح هذه الرؤية الطموحة للصين سيعتمد في النهاية على مدى قدرة المجتمع الدولي على تبني روح التضامن والتعاون التي تروج لها المبادرة وعلى دعم شعوب المنطقة لها .